Designed by Freepik

samedi 27 août 2011

نم مطمئنا يا إبن عمر

نم مطمئنا يا إبن عمر

من هو إبن عمر؟

حاء الحبيب، حبيب الله

وسين السدرة، سدرة المنتهى،

وواو الوداع والوعد

ونون النداء

وتاء تونس والتونسيين

الشهداء : لا تمت اليوم يا إبن عمر، إنتظر قليلا فلعل شعبنا ينسى فتذكرهم، هكذا قال الشهداء كلامهم الأخير ومضوا؟

إبن عمر : تعبت يا رفاقي، ألا أموت الآن، ما جدوى أنفاسي وليس هناك من يصغي؟

الشهداء : صبرا يا إبن عمر،

إبن عمر : أريد أن أصعد معكم إلى سدرة المنتهى؟

الشهداء : لم يحن الوقت يا إبن عمر

وصبر إبن عمر 224 يوما ثم مات مستشهدا.

هي تلك مشيئة الله أن لفظ حسونة بن عمر آخر أنفاسه صباح السادس والعشرين من رمضان الموافق ل 26 أوت 2011 على الساعة الثامنة صباحا بعد معاناة طويلة دامت أكثر من سبعة أشهر على إثر إصابته بثلاث طلقات يوم 15 جانفي 2011. هكذا قال حسونة كلامه الأخير ومضى، أن يا شعبي لا تغفل ولا تنسى! تلك مشيئة الله أن شهادته دامت أشهرا ذاق فيها الويلات أن يا شعبي لا تخن الشهداء والثورة!

فأين نحن اليوم منكم يا شهداء الثورة؟ أين شعب تونس من تضحياتكم؟ أين نحن من شهادتكم؟ أين نحن منكم يا أحباء الله؟ أين نحن من معاناة أمهاتكم وآبائكم وإخوانكم وأخواتكم؟ هل أصغينا؟

نحن للأسف وفي أحسن الحالات دون المستوى ومتخاذلون إن لم نقل خائنون. ذاق حسونة ويلات المرض الناجم عن إصابته في ظروف من الخصاصة لا توصف دون أن يجد التضامن اللازم من أبناء وطنه. عزفنا عن الثورة وأهدافها، نرى ونسمع عن ترقية القتلة والمجرمين ولا نأبه، تفتح المطارات على مصراعيها لهروب المفسدين والمخربين ويرمى بالأشراف في السجون ونحن لا نسمع ولا نعقل.

فإلى متى سيدوم الصمت ومتى سنلتفت إلى عائلات الشهداء والجرحى بالتعويض والتكريم اللائقين ومتى سنحاسب القتلة؟ لا أمل لنا في كل ذلك في ظل حكومة السبسي ووزارة الداخلية المتسترين على القتلة والمتآمرين على الثورة. وبالتالي لامناص لنا من الإسراع في طي صفحة السبسي وكتائبه، ولموعد 23 أكتوبر أفضل فرصة لذلك ولا يمكن أن نسمح بتفويتها أو الإلتفاف عليها من قوى الردة والخونة. ذلك أدنى ما يمكن أن نفعله تكريما للشهداء وحتى يتسنى لنا أن نمر إلى حالة شرعية ونؤسس لإرادة سياسية جديدة تعمل على الإصلاح لا الترقيع والمحاسبة والتعويض لا التستر والتجاهل وتكريم الشهيد لا إهانته.

فهل من مصغ؟



أيوب المسعودي

lundi 15 août 2011

ثورة تونس : لا مفر من الأمل

ثورة تونس : لا مفر من الأمل

لا شيء أخطر على الثورة التونسية من كلل الثوار نفسهم واستقالتهم وعزوفهم عن التصدي لقوى الردة المتعددة واستسلامهم للإحباط. كيف لا والتونسي يعيش حالة من الإرهاق السياسي الناتج عن التدفق المجنون للمعلومات المتناقضة والمتشائمة من كل حدب وصوب؟

1- كيف لا والإعلام مقيد ومسير، مسيس ومتردد، ينتقى فيه مقدم الأخبار والمحاور والسؤال والجواب، والجائز والمحظور، وويل لمن تسول له نفسه من الصحفيين أخذ أدنى حيز من الجرأة في سؤال مسؤول؟ كأن الثورة لم تكن؟ كيف لا وبعض وسائل الإعلام إن لم نقل جلها، خاصة كانت أم عامة، امتهنت الثلب والقذف والافتراء ضد كل من لا ينساق وراء أجنداتها الأيديولوجية من الأحزاب والأشخاص؟ كيف لا وآلاف الملايين تضخ في القنوات الخاصة لتمرير نفس الأجندات الأيديولوجية الإقصائية واضعة التونسي أمام خيارين، إخوانجي أو حداثي؟ بعيدة في ذلك كل البعد عن الأهداف السامية للثورة ومشاغل التونسي المتعطش للحقيقة والصراحة بعد أن سئم الكذب والتزييف لعقود.

2- كيف لا والقضاء مكبل؟ كيف لا والشعب يرى أشرافه يقادون بالسلاسل وراء القضبان مقابل ترقية المجرمين والقتلة؟ كيف لا وسمير الفرياني يسجن في ظروف غامضة وبسرعة البرق بينما يكلف قاض واحد بثلاثين قضية في الفساد المالي والسياسي من أخطر القضايا وأكثرها تعقيدا وأهمية في تفكيك جهاز الفساد الذي ميز نظام المخلوع؟ كيف لا وكل من وزارتي العدل والداخلية تتقاذفان التهم بالتقصير والتباطؤ في المحاسبة والملاحقة في مسرحية سقيمة السيناريو ورديئة التمثيل؟ كيف لا وأمن مطاراتنا فتح الأبواب على مصراعيها لهروب أزلام بن علي؟ "إذهبوا فأنتم الطلقاء".

3- كيف لا والشعب لم يسترجع بعد جهازه الأمني الذي سرقه منه بورقيبة بعد أن أسس وزارة الداخلية على عقيدة حماية النظام من المواطن بدل حماية المواطن ليأتي بن علي ويستبدل ذلك مبما هو أدهى ألا وهو حماية المافيا من المواطن بدل حماية المواطن من المافيا. كيف لا والتعذيب والتنكيل والاعتداء لم يزولوا منالسجون ومخافر الشرطة؟ كيف لا ورجل الأمن لم يفهم بعد أنه ضحية نظام أذله واستغله ثم تركه يواجه مصيره لوحده؟

4- كيف لا وبعض الأحزاب السياسية إختارت التخلي عن الثورة لتنحاز إلى المال متحولة في ذلك من تنظيمات سياسية إلى شركات تجارة ومقاولة؟ كيف لا وهم يعطون أسوء مشهد عن العمل السياسي وعن مفهوم الحزب السياسي مفوتين في ذلك فرصة المصالحة مع الشعب بعد الثورة ومعمقين الفجوة الفاصلة بينهم وبين المواطن؟ كيف لا وبعض الأحزاب التي لا صلة لها بالثورة تظهر علينا كالفطر مدججة بأموال خيالية تصرفها في الإشهار وشراء الذمم والانخراط

ات وحتى دور الصحف ؟

لسائل أن يسأل وما مبعث الأمل أمام هذه الصورة القاتمة؟

الأمل يكمن في ولادة الشعب التونسي يوم 17 ديسمبر 2011. لم ير التونسي، على الأقل من بني جيلي، ذلك التلاحم والإنصهار بين بني الوطن الواحد ضد آلة القهر، ضد الموت، من أجل الكرامة أو... الموت. إن في ذلك لمبعثا كبيرا على الأمل والاعتزاز. لا تيأس يا شعبي العظيم ولا تكل. ما قيمة سبعة أشهر من الأرق والحمى عاناها الشعب منذ 14 جانفي أمام تضحيات الشهداء وويلات ما ينتظر أبناءنا وكل الأجيال القادمة إذا ما فشلنا؟ لا مفر لنا من الأمل، لا مفر لنا من الإنتصار الذي كتبنا صفحته الأولى يوم 14 جانفي برحيل الديكتاتور ثم في القصبة 2 عندما فرضنا المجلس التأسيسي ورحيل الغنوشي!

لا مفر من الأمل في إصلاح المنظومة الإعلامية وتحررها من الداخل ليرفض أشراف المهنة، والذين يمثلون الأغلبية الساحقة، الخضوع والانبطاح. على أشراف المهنة تقدير المسؤولية الموكولة على عاتقهم في إنجاح المسار الديمقراطي عبر كشف الحقائق وفضح الفساد وتوضيح الرؤية للمواطن بكل استقلالية ونزاهة حتى يتسنى للتونسي الإختيار بكل حرية.

لا مفر من الأمل في إنتصار أشراف القضاة على الفاسدين منهم وتحررهم من وصاية السلطة التنفيذية والإدارة ليشرع القضاء في محاسبة المجرمين والمفسدين ورد الحق والاعتبار إلى الشعب المقهور

لا مفر من أمل إصلاح المنظومة الأمنية عبر تطهير يقوم به أعوان الأمن نفسهم ضد كبار المسؤولين في وزارة الداخلية ليضرب بذلك رجال الأمن عصفورين بحجر واحد : إصلاح أكبر مؤسسات الفساد في البلاد والمصالحة مع الشعب.

لا مفر من أمل أن تثوب الطبقة السياسية إلى رشدها لتدرك أولويات الساعة ومتطلبات المرحلة وتركز جهودها وطاقاتها على محاربة جيوب الردة وتحقيق أهداف الثورة من قلع جذور الفساد إلى الحرية والكرامة والمساواة الاجتماعية.

أختم بنبرة أمل في أجمل أبيات محمود درويش عن أمل الإنتصار:

فرحا بشيء ما خفيٍّ، كنْت أَحتضن

الصباح بقوَّة الإنشاد، أَمشي واثقا

بخطايَ، أَمشي واثقا برؤايَ، وَحْي ما

يناديني: تعال! كأنَّه إيماءة سحريَّة ٌ،

أَعطنا، يا حبّ، فَيْضَكَ كلَّه لنخوض

حرب العاطفيين الشريفةَ، فالمناخ ملائم،

والشمس تشحذ في الصباح سلاحنا،

من لم يحب الآن في هذا الصباح

فلن يحب


نموت نموت ويحيى الوطن



أيوب المسعودي