Designed by Freepik

lundi 24 septembre 2012

عن أي عدل يتحدثون؟


عن أي عدل يتحدثون؟



حملت صوتك في قلبي و أوردتي"                   " فما عليك إذا فارقت معركتي
أطعمت للريح أبياتي وزخرفها "                    "إن لم تكن كسيوف النار قافيتي
آمنت بالحرف .. إما ميتا عدما"                    " أو ناصبا لعدوي حبل مشنقة
آمنت بالحرف .. نارا لا يضير إذا "                    "كنت الرماد أنا أو كان طاغيتي !
فإن سقطت .. و كفى رافع علمي "                    "سيكتب الناس فوق القبر : " لم يمت


محمود درويش


أهدي هذه القصيدة إلى نخاسي الثورة الذين يلهثون وراء بترودولارات قطر وwall street ليتاجروا بشهداءنا وجرحانا وعذاباتنا وآمالنا في بناء وطن ينصفنا من الظالم الداخلي ويدفع عنا شر ومطامع العدو الخارجي، أهديها إليكم رئيسا رئيسا، وزيرا وزيرا، جنرالا جنرالا, لن يثنيني عن ذلك بهرج محاكمكم ولا زيف تحقيقاتكم أو جور أحكامكم... ولن يخيفنا توعد وزيركم بإعدامنا.
لن أتحدث في هذا المقال عن قضيتي مع السلطة السياسية ومسرحية المحكمة السياسية عسكرية الإخراج ترويكية التخطيط، فقضيتي محسومة منذ أن قررت الخروج عن بيت الطاعة والولاء للسلطة والرجوع إلى الرشد بالعودة إلى صف الثورة. قضيتي محسومة لأنني انتصرت عندما استجبت لنداء الضمير والثورة ولا يهمني ما سيصدر أو صدر من حكم...

قضيتي اليوم، قضيتكم و قضيتنا هي قضية المرحوم عبد الرؤوف الخماسي، أصيل الجريصة وذي الأربعين ربيعا، اختطفته أيادي الموت وهو يرافق زوجته المريضة في طريق العودة من حصة العلاج الكيمياوي بمستشفى صالح عزيز. اختطفته أيادي الظلام لتيتم إبنه محمد آزر (أنظر الصورة أدناه) وتترك زوجته تصارع المرض وحيدة وامه تحترق لوعة. رؤوف  ذو  الأربعين ربيعا، وحسب أقوال أمه، كان يعيش حياة عادية يقتات بعرق جبينه ليعيش بكرامة مع زوجته وإبنه.


محمد آزر إبن المرحوم رؤوف الخماسي



والدة رؤوف الخماسي تتحدث عن إبنها

إليكم فيما يلي حوصلة لأهم أطوار القضية وملابساتها موثقة بتصريحات أفراد العائلة وصور عن أهم الوثائق المضمنة بملف القضية: 


28 أوت 2012

الثالثة والنصف بعد الزوال : إختطاف رؤوف من أمام مستشفى صالح عزيز لينقل إلى مركز الشرطة عمر بن المختار، وقد رافقت المدعوة ليلى الفندري (واسمها الحقيقي زهرة ألفندري) أعوان الأمن في  واقعة الاختطاف
الخامسة بعد الزوال : رؤوف يدخل في حالة غيبوبة بعد تعرضه للتعذيب من طرف أعوان الأمن دون أن يتم إعلام العائلة بذلك. ومن الملفت أن المدعوة ليلى الفندري، ذات الثراء والنفوذ، كانت على اتصال حثيث مع أعوان الأمن وكانت على علم بحالة رؤوف وحيثيات التحقيق...


30 أوت 2012

الواحدة بعد الزوال : والد رؤوف، بعد مشقة البحث في العديد من المراكز (القرجاني، بوشوشة...)، وعبر وسائل خاصة ودون أي مساعدة من الجهات الأمنية والرسمية، يصل إلى مركز عمر ابن المختار ليستفسر عن مكان احتجاز رؤوف واسترجاع وثائق علاج زوجته... فتم إعلامه بأن رؤوف موقوف لديهم وتسليمه وثائق علاج زوجة رؤوف.
الرابعة بعد الزوال : تم الاتصال بوالد رؤوف من مركز الأمن بسيدي حسين وإعلامه بأن إبنه بالمستشفى


31 أوت 2012

السابعة مساء : عائلة رؤوف تزوره بالمستشفى وتكتشف أنه ميت سريريا


السبت 08 سبتمبر 2012

وفاة رؤوف الخماسي على الساعة الثامنة وخمس دقائق مساء بمستشفى شارل نيكول (أنظر الشهادة الطبية أدناه)، في نفس اليوم، يأذن قاضي التحقيق بمكتب التحقيق عدد 04 بالمحكمة الابتدائية بتونس 02  بفتح تحقيق في الغرض، وذلك بعد مرور 12 يوما من تاريخ الاختطاف (أنظر محضر البحث أدناه)!

شهادة طبية للوفاة

محضر البحث



الإثنين 10  سبتمبر  2012
الإذن بالتشريح للتحقق من ظروف وفاة رؤوف الخماسي، وحسب تقرير الطب الشرعي، فإنه من المستبعد أن يكون النزيف الدماغي الذي كان وراء وفاة رؤوف، نتيجة سقوط المرحوم من كرسيه أثناء التحقيق، والأرجح أن يكون قد تعرض للضرب بواسطة جسم صلب على مستوى الجمجمة... هذا إلى جانب ما عاينه والد المرحوم أثناء تغسيل إبنه من آثار تعذيب وضرب في عدة أماكن من جسد الفقيد (أنظر تقرير الطب الشرعي والحوار مع والد رؤوف أدناه). 



تقرير الطب الشرعي حول وفاة المرحوم  رؤوف الخماسي - صفحة 1

تقرير الطب الشرعي حول وفاة المرحوم  رؤوف الخماسي - صفحة 2



تقرير الطب الشرعي حول وفاة المرحوم  رؤوف الخماسي - صفحة 3



والد المرحوم رؤوف الخماسي يتحدث عن القضية


ولكن الوجوه المسالمة اليائسة تخفي صرخة بركان، صرخة غضب من الإحساس بالظلم والحيف والاحتقار. أليس من أمهات الأحكام في ديننا الحنيف ما جاء في الآية 58 من سورة النساء في قوله تعالى : ... وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ... فأين العدل وقد تم استنطاق أعوان الأمن المتهمين ولم يتم الاستماع إلى عائلة المرحوم رؤوف إلى اليوم رغم إصرارها على الإدلاء بالشهادة في القضية وخاصة فيما يخص الدور المشبوه للمدعوة ليلى الفندري في ملابسات الاختطاف والتحقيق والتعذيب (أنظر الفيديو أدناه)... 

أسامة الخماسي شقيق المرحوم رؤوف الخماسي يتحدث عن تعامل القضاء مع العائلة


كيف يمكننا أن نحلم بالأمن والعدل في غياب سياسات أمنية وقضائية (إن لم نقل غيابا للسياسة) تتجه إلى الإصلاح وإرساء أمن يكون في خدمة أمن المواطن وعلوية القانون ومؤسسات الجمهورية بدل خدمة السلطة على حساب القانون والمؤسسات ومصلحة المواطن؟ كيف لنا أن نحلم بقضاء يكون ملاذا للمستضعفين والمظلومين وحصنا أمام محاولات تغول الأقليات الثرية أو الحاكمة (مع وجود تشابك وترابط عضويين بين الإثنين) على الأغلبية المستضعفة (أنظر مقالي بعنوان "عن أي ثورة يتحدثون؟")؟
كيف لنا ذلك وسياسات الحكومة تنزع إلى تدجين القضاء وتركيعه وتطويعه من أجل خدمة الأجندة السياسية للأقلية الحاكمة؟ كيف لنا ذلك ووزير العدل، المنتمي إلى السلطة التنفيذية، والرئيس "الفعلي" للمجلس الأعلى للقضاء، مشهر سيف سلطته التأديبية على القضاة ليعين ويعفي ويرقي وينقل كما لذ لسياسة حكومته وطاب...؟ كيف يمكن أن نتحدث عن عدالة إنتقالية (إن لم نقل انتقائية انتقامية) ووزير العدل يعلن في جنح الظلام عن بعث "قطب قضائي" سيعجل في النظر في قضايا الفساد وذلك في غياب إطار قانوني واضح ودون تشريك أهل الاختصاص من قضاة ومحامين وقانونيين جامعيين وحقوقيين في رسم تصور للعدالة الانتقالية؟ هل سينسج وزير العدل، في تعيين مسيري هذا القطب، على نفس النحو الذي أعفى به عشرات القضاة؟
لا أمل في قضاء مستقل والسلطة التنفيذية باسطة يدها على تسيير القضاء وإصلاحه، لا أمل في ذلك ومورد رزق القضاة، مستقبلهم العائلي والمهني... رهين رضا السيد وزير العدل وقراراته الاعتباطية. لقد إرتبط العمران والبناء والتأسيس بالعدل كما أكد على ذلك ابن خلدون، ولم يحد في ذلك عن تصوير الأساطير الإغريقية لمفهوم العدل بصور "أنثى" لما في ذلك من معان للولادة والخصوبة والأمل، فلا أمل بلا أمن، ولا أمن بلا عدل، وإذا غاب العدل فسدت الأرض وعم الخراب البلاد والعباد.

تلك هي الصورة القاتمة للقضاء في تونس اليوم، ولكم في الأثناء، هل من منصف لرؤوف وعائلته؟


أيوب المسعودي

الحقيقة ملك للعموم
لم تخضع هذه الأشرطة، التي صورتها بنفسي بتاريخ 19 سبتمبر 2012 ، إلى أي تركيب.
أدعو كل المدونين والصحفيين إلى إستعمالها



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire